-->

المنظومة القانونية للصفقات العمومية في ظل المرسوم الرئاسي 15-247.

حجم خط المقالة

ملخص حول قانون الصفقات العمومية

 

بقلم الباحثة : جراردة شيماء.

مقدمة:

 عرفت المنظومة القانونية المنظمة للصفقات العمومية في الجزائر إصدار العديد من النصوص القانونية سواء التشريعية منها او التنظيمية، و مختلف تلك النصوص والتي صدرت غداة الاستقلال، حيث صدر اول قانون للصفقات العمومية بموجب الامر 67-90  "قانون الصفقات العمومية" الى غاية اليوم، مضمونها هو وضع احكام تنصب في مجموعها على خدمة الجمهور من جهة وحماية المال العام من الهدر من جهة أخرى، وفق قواعد معينة مطلوبة بقوة في التعاملات التعاقدية التي تقوم بها الإدارة مع الغير بعنوان الصفقات العمومية.

 وتجدر الإشارة في بداية الامر ان دراستنا ستنصب على التنظيم الجاري العمل به والمتمثل في المرسوم الرئاسي 

247-15  المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 المتضمن قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.

أولا: مفهوم الصفقات العمومية.

1- معايير تعريف الصفقات العمومية:

 يمكن تعريف الصفقة العمومية من خلال مجموعة من المعايير:

أ-المعيار الشكلي: 

  عرفت المادة 02 الصفقات العمومية بانها "عقود مكتوبة"، فهي تتضمن بنود تعاقدية يشترط ان تكون في شكل مكتوب،  كما اوجب المشرع توقيع الصفقة من قبل السلطة المختصة وهي حسب المادة 04 : مسؤول الهيئة العمومية، الوزير، الوالي، رئيس المجلس الشعبي البلدي، المدير العام أو مدير المؤسسة العمومية او أي شخص تفوضه هذه الهيئات للموافقة عليها.

ب-المعيار المالي:

  يتعلق المعيار المالي بالمقابل المالي الذي تقدمه المصلحة المتعاقدة الى  المتعامل الاقتصادي مقابل تنفيذه الصفقة.

ج- المعيار المادي:

  يرتبط المعيار المادي بإشباع الحاجات العامة للمصلحة المتعاقدة، وذلك في مجال  الاشغال و اللوازم و الخدمات والدراسات.

د- المعيار العضوي:

  نص المشرع في المادة 06 على الهيئات التي يمكنها ابرام الصفقات العمومية واطلق عليها تسمية "المصلحة المتعاقدة"
والتي تخضع في تعاملاتها الى تنظيم الصفقات العمومية وتتمثل هذه الهيئات في: 
- الدولة.
-الجماعات الإقليمية.
-المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما تكلف بإنجاز عملية ممولة كليا او جزئيا بمساهمة مؤقتة او نهائية من الدولة او الجماعات الإقليمية.
 لكن استثنى المشرع في المادة 07 بعض العقود التي رغم وجود الهيئات المذكورة في الأعلى طرفا فيها ، الا انها لا تخضع لتنظيم الصفقات العمومية ويتعلق الامر ب:
-العقود  التي تبرمها الهيئات والإدارات العمومية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري فيما بينها.
-العقود التي تبرمها المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري عندما يكون نشاطها غير خاضع للمنافسة.
-العقود المتعلقة بالإشراف المنتدب على المشاريع.
-العقود المتعلقة باقتناء او تأجير أراض او عقارات.
-العقود المبرمة مع بنك الجزائر.
-العقود المبرمة بموجب إجراءات المنظمات والهيئات الدولية او بموجب الاتفاقات الدولية .
-العقود المتعلقة بخدمات الصلح والتحكيم.
-العقود المبرمة مع محامين بالنسبة لخدمات المساعدة والتمثيل.
-العقود المبرمة مع هيئة مركزية.

2- المبادئ التي تحكم الصفقات العمومية:

أ-مبدا حرية الوصول للطلبات العمومية:

  يقصد بحرية الوصول للطلبات العمومية فسح المجال امام جميع العارضين بالتساوي للمشاركة وتقديم عروضهم امام المصلحة المتعاقدة، غير ان هذا المبدأ لا يؤخذ على اطلاقه بل ترد عليه استثناءات حددها المشرع عل سبيل الحصر في القسم الرابع تحت عنوان "حالات الاقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية" من الفصل الثالث  من المرسوم الرئاسي 247/15.

ب- مبدا المساواة في اختيار المرشحين:

  هذا المبدأ كذلك لا يعمل به بصفة مطلقة فقد نص المشرع على استثناءات تتعلق بتخصيص هامش افضلية وطنية بنسبة 25% وتخصيص احكام خاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مثل السماح لها في المشاركة في إجراءات ابرام الصفقات العمومية و اعفائها من تقديم الحصيلة السنوية ...الخ

ج- مبدا شفافية الإجراءات:

  لهذا المبدأ علاقة بوجوب الاشهار الصحفي في الحالات المنصوص عليها في المادة 61 من الرسوم الرئاسي 247/15  وهي:

  • طلب العروض المفتوح.
  • طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا.
  • طلب العروض المحدود.
  • المسابقة.
  • التراضي بعد الاستشارة عند الاقتضاء.

 ثانيا: إجراءات ابرام الصفقات العمومية.

1-الاجراءات المكيفة:

أ- تعريف الإجراءات المكيفة:

 الإجراءات المكيفة هي إجراءات داخلية تعدها المصلحة المتعاقدة لإبرام صفقاتها.

ب- الصفقات التي تخضع للإجراءات المكيفة:

  • الصفقات التي تقل او تساوي قيمتها (12.000.000 دج) بالنسبة للأشغال واللوازم و (6.000.000 دج) بالنسبة للدراسات او الخدمات.
  • صفقات المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري في عمليات غير ممولة من الدولة.
  • صفقات المؤسسات العمومية الاقتصادية.
  • صفقات الهيئات الخاصة.
  • الإجراءات المتعلقة بتقديم الخدمات الخاصة.
  • حالة طلبات الاشغال التي لا تتطلب شهادة تصنيف و تأهيل.

2-الاجراءات الشكلية:

  تبرم المصلحة المتعاقدة طلباتها وفق الإجراءات الشكلية عندما تتجاوز قيمتها (12.000.000 دج) بالنسبة للأشغال او اللوازم و (6.000.000 دج) بالنسبة للدراسات او الخدمات.

 الا انه استثناء يمكن للمصلحة المتعاقدة ان تبرم طلباتها اذا كانت هذه الأخيرة تقل عن المبالغ المذكورة سابقا وفق الإجراءات الشكلية اذا اختارت ذلك بنفسها. 

ثالثا: مراحل سير الإجراءات الشكلية.

 تمر الصفقة العمومية قبل ابرامها بمراحل عديدة  وهي:

  1.  تحديد الحاجات العمومية.
  2. اعداد دفتر الشروط.
  3. الإعلان في الجرائد.
  4. تحضير وايداع العروض.
  5. المنح المؤقت للصفقة.
  6. المنح النهائي للصفقة.

رابعا: طرق ابرام الصفقات العمومية.

 نصت المادة 39 من نفس المرسوم على :"تبرم الصفقات العمومية وفقا لإجراء طلب العروض الذي يشكل القاعدة العامة، او وفق اجراء التراضي".

وعليه تبرم الصفقات العمومية وفق الكيفيات التالية:

1-طلب العروض:

 أ-تعريف طلب العروض:

 عرفت المادة 40 طلب العروض : "طلب العروض هو اجراء يستهدف الحصول على عروض من عدة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة دون مفاوضات، للمتعهد الذي يقدم احسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية، استنادا الى معايير اختيار موضوعية، تعد قبل اطلاق الاجراء."

ب-اشكال طلب العروض:

 يمكن ان يكون طلب العروض وطنيا و/ دوليا حسب المادة 42 كما يمكن ان يتم وفق الاشكال الاتية:

  • طلب العروض المفتوح.
  • طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا.
  • طلب العروض المحدود .
  • المسابقة.

2-التراضي:

 أ-تعريف التراضي :

 عرفت المادة 41 التراضي بانه : "اجراء تخصيص صفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية الى المنافسة.

ويمكن يكتسي التراضي شكل التراضي البسيط او شكل التراضي بعد الاستشارة".

ب-حالات اللجوء الى التراضي البسيط:

 حددت المادة 49 على سبيل الحصر حالات اللجوء ال التراضي البسيط وهي:

  • حالة الاحتكار.
  • حالة الاستعجال الملح.
  • حالة التموين المستعجل.
  • عندما يتعلق الامر بمشروع ذي أولوية وذي  أهمية وطنية يكتسي طابعا استعجاليا.
  • عندما يتعلق الامر بترقية الإنتاج و/او الالة الوطنية للإنتاج.
  • عندما يمنح نص تشريعي او تنظيمي مؤسسة عمومية ذات ابع صناعي وتجاري حقا حصريا للقيام بمهمة الخمة العمومية.

خامسا: الرقابة على الصفقات العمومية.

1- الرقابة الداخلية:

 تمارس الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية  عن طريق هيئة تسمى "لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض" تتشكل من موظفين مؤهلين تابعين للمصلحة المتعاقدة، وتمارس المهام الآتية:

  • تثبيت صحة تسجيل العروض.
  • اعداد قائمة المرشحين او المتعهدين.
  • اعداد قائمة الوثائق التي يتكون منها كل عرض.
  • التوقيع على وثائق الاظرفة المفتوحة التي لا تكون محل طلب استكمال.
  • تحرير محضر يتضمن التحفظات المحتملة.
  • دعوة المرشحين او المتعهدين كتابيا، الى استكمال عروضهم التقنية.
  • تقترح عند الاقتضاء اعلان عدم جدوى الاجراء.
  • ارجاع الأظرفة غير المفتوحة الى أصحابها.

2- الرقابة الخارجية:

 عهد المرسوم الرئاسي 247/15 ممارسة الرقابة الخارجية الى اللجان وحدد تشكيلاتها واختصاصاتها وهي:

اللجنة الجهوية، اللجنة القطاعية، اللجنة الولائية، اللجنة البلدية، بالإضافة الى لجان المؤسسات العمومية الوطنية والمؤسسات المحلية.

3- رقابة الوصاية:

 يهدف هذا النوع من الرقابة الى التحقق من مدى مطابقة الصفقات التي تبرمها المصلحة المتعاقدة الى اهداف الفعالية والاقتصاد من جهة، والتأكد من كون العملية التي هي موضوع الصفقة تدخل فعلا في اطار البرامج والاسبقيات المرسومة للقطاع من جهة أخرى.

 و تمارس هذه الرقابة عن طريق الهيئات الاتية:  مسؤول الهيئة العمومية او الوزير او الوالي او رئيس المجلس الشعبي البلدي، لجنة الرقابة الخارجية المختصة ، سلطة ضبط الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.

سادسا: تنفيذ الصفقات العمومية.

1-التنفيذ الإداري للصفقة العمومية:

 يترتب على تنفيذ الصفقة مجموعة من الحقوق والالتزامات المتبادلة بين المتعامل المتعاقد  و المصلحة المتعاقدة  

تتمثل في:

أ- حقوق والتزامات المتعامل المتعاقد:

 يتمتع المتعامل المتعاقد بمجموعة من الحقوق تتمثل في:

  • الحق في الحصول على المقابل المالي.
  • الحق في التوازن المالي للعقد.
  • الحق في التعويض.

اما التزامات المتعامل المتعاقد فهي كالتالي :

  • تنفيذ العقد بحسن نية.
  • دفع مبلغ كفالة التعهد.
  • الالتزام باحترام اجال تنفيذ الصفقة.

ب-سلطات المصلحة المتعاقدة :

  • سلطة الرقابة والتوجيه،  للتأكد من سلامة تنفيذ الصفقة .
  • سلطة توقيع الجزاءات، اذا اخل المتعامل المتعاقد بأحد التزاماته التعاقدية.
  • سلطة التعديل الانفرادي لبنود الصفقة.
  • سلطة فسخ الصفقة من جانب واحد ، بسبب المتعامل المتعاقد او اذا كانت  المصلحة العامة تقتضي ذلك.

2- التنفيذ المالي للصفقة العمومية:

 بعد تنفيذ المتعامل المتعاقد للخدمات المتفق عليها في الصفقة بشكل كامل ، تتم التسوية المالية للصفقة بدفع السعر المتفق عليه عن طريق التسوية على رصيد الحساب، كما يمكن ان تتم التسوية المالية للصفقة بدفع التسبيقات قبل تنفيذ الصفقة، او الدفع عل الحساب في حالة التنفيذ الجزئي للصفقة.

سابعا: منازعات الصفقات العمومية.

 تنشا المنازعات المتعلقة بالصفقات العمومية بين المصلحة المتعاقدة و المتعامل المتعاقد ، اذا اخل احدهما او كلاهما بالالتزامات التعاقدية ، سواء اثناء مرحلة الابرام او اثناء مرحلة التنفيذ.

1- منازعات الصفقات العمومية اثناء مرحلة الابرام:

أ- الطعن الإداري خلال مرحلة المنح المؤقت للصفقة: 

 خول المشرع للمتعهد الاقتصادي  حق الطعن عن المنح المؤقت للصفقة العمومية او الغائه او اعلان عدم جدوى او الغاء الاجراء، وذلك في اجل 10 أيام تسري من تاريخ اول نشر لإعلان المنح المؤقت في النشرة  الرسمية لصفقات المتعامل العمومي او في الصحافة او في بوابة الصفقات العمومية ،وذلك لدى لجنة الصفقات العمومية المختصة على ان تفصل في هذا الطعن خلال اجل 15 يوما ابتداء من تاريخ انقضاء اجل 10ايام.

ب- الطعن القضائي: 

 تطبيقا لأحكام قانون الإجراءات المدنية والإدارية المتعلقة ب "الاستعجال في مادة ابرام العقود والصفقات" ، فانه في حالة الاخلال بالتزامات الاشهار او المنافسة، يجوز لكل من تضرر بهذا الاخلال، على ان تكون  له مصلحة في ابرام العقد وكذلك لممثل الدولة على مستوى الولاية  اخطار المحكمة الإدارية(قاضي الاستعجال) بعريضة ،على ان تفصل هذه الأخيرة في اجل 20 يوما تسري من تاريخ هذا الاخطار.

 ولقاضي الاستعجال في هذه الدعوى عدة سلطات:

  •  ان يأمر المتسبب في الاخلال الامتثال لالتزاماته.
  • الحكم بالغرامة التهديدية .
  • تأجيل امضاء العقد. 

2- منازعات الصفقات العمومية اثناء مرحلة التنفيذ:

 اوجب المشرع على المصلحة المتعاقدة ان تبحث عن حل ودي للنزاعات الناتجة عن تنفيذ الصفقة، وفي حالة عدم الاتفاق يعرض النزاع وجوبا امام لجنة التسوية الودية للنزاعات المختصة وذلك قبل اللجوء الى القضاء حسب الحالة وهي:

أ- لجنة التسوية الودية للنزاعات في الوزارة والهيئة العمومية :

والتي تختص بدراسة نزاعات الإدارة المركزية ومصالحها الخارجية او الهيئة العمومية والمؤسسات العمومة التابعة لها.

ب-لجنة التسوية الودية للنزاعات في الولاية :

والتي تختص بدراسة نزاعات الولاية والبلديات والمؤسسات العمومية المحلية التابعة لها والمصالح غير الممركزة للدولة.

ثامنا: نهاية الصفقات العمومية.

 تنتهي الصفقة العمومية اما نهاية طبيعية ،وذلك بتنفيذها وتسليمها للمصلحة المتعاقدة او بانتهاء المدة المتفق عليها .
وقد تنتهي نهاية غير طبيعية أي قبل إتمام عملية التنفيذ،  وذلك بالفسخ التعاقدي اذا كان مبررا بظروف خارجة عن إرادة المتعامل المتعاقد، كما يمكن للمصلحة المتعاقدة ان تقرر الفسخ من جانب واحد وذلك عندما لا ينفذ المتعامل المتعاقد التزاماته او كان مبررا بسبب المصلحة العامة، كما يمكن ان يكون الفسخ قضائي او بقوة القانون.

خاتمة:

 ختاما لما سبق بيانه، تعد الصفقات العمومية اهم العقود الإدارية التي تبرمها الإدارة العامة، لذلك اولاها المشرع  اهتمام كبير،  ويظهر ذلك من خلال النصوص القانونية المتعاقبة الصدور في مجال الصفقات العمومية، لا سيما المرسوم الرئاسي 15-247 الذي ضمنه بأحكام ومفاهيم لم تكن واضحة ومنظمة في القوانين السابقة .

قائمة المراجع:

 مرسوم رئاسي رقم 15-247 مؤرخ في 16 سبتمبر سنة 2015 يتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام.