-->

ملخص قانون الإجراءات المدنية و الإدارية 08-09 المعدل و المتمم للسنة الثانية حقوق.

حجم خط المقالة


مقدمة:

يعتبر مقياس قانون الإجراءات المدنية والإدارية من أهم المقاييس التي تدرس في ميدان الحقوق فهو الذي يخرج القوانين والتشريعات القضائية من الحيز الموضوعي الى الحيز الخارجي ويجعلها محل الإعمال الواقعي ، لم يتطرق المشرع الجزائري لتعريف هذا القانون مما يستوجب الرجوع الى المفهوم الذي إتحد الفقه في تعريفه لهذا القانون فتم القول بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم إجراءات التقاضي أمام أجهزة النظام القضاء العادي والإداري ، وصدور الأحكام وتنفيذها ، وهو المبين لإجراءات التقاضي أمام مختلف جهات القضاء ويحدد الاختصاص القضائي ، وكيفية رفع الدعوى وشروط قبولها و كذا كيفية سير الخصومة الى أن يصدر الحكم في النزاع ،كما ينظم طرق الطعن بالأحكام بأنواعها وإجراءات تنفيذها ،  و بعض الإجراءات المتعلقة بإختصاصات القاضي في كل قسم ، والتطرق لمستحدثات هذا القانون حسب آخر تعديل  ، كل هذا سيتم شرحه تبعا لما يلي.


أولا: مبادئ القضاء الجزائري: 

وهي بعض الأسس التي تبين مدى جهود النظام القضائي في الجزائر للوصول لأحسن درجات العدالة وهي كالآتي

المتعلقة بالقضاء: يقصد بها المبادئ الإلزامية التي يجب على المرفق القضائي التقيد به. 

  1. مبدأ إزدواجية القضاء: حسب المادة 1 من (ق إ م إ) تم تقسيم القضاء الجزائري الى عادي وإداري ،  تعد المحاكم والمجالس القضائية والمحكمة العليا الجهات القضائية العادية، أما المحاكم الإدارية و المحاكم الإدارية الإستئنافية و مجلس الدولة ،تعد  جهات قضائية إدارية. 
  2. مبدأ التقاضي على درجتين: بتأصيل قانوني بالمادة 6 من نفس القانون ، مقتضى هذا المبدأ هو منح المتقاضين إمكانية إعادة طرح قضاياهم من جديد على رقابة جهة قضائية تعلو تلك الجهة التي فصلت فيها (أول درجة ) سواء تعلق الأمر بالوقائع أو القانون
  3. مبدأ تسبيب الأحكام: يجب على القاضي ان يضمن حكمه مجموعة من الأسباب المتصلة بالوقائع والقانون والتي أدت الى إصدارحكمه ، وقد نصت المادة 11 من ق.إ.م.إ على هذا المبدأ « يجب أن تكون الأوامر والأحكام والقرارات مسببة »  

المتعلقة بالمتقاضي(أطراف الخصومة): يقصد بها المبادئ الإلزامية التي أقرت للمتقاضين.  

  1. حق اللجوء إلى القضاء: أقرت المادة 1/3 من ق.إ.م.إ هذا الحق ، وهو حق معترف به لكل شخص طبيعي أو معنوي، بلا تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين. 
  2. مبدأ المساواة أمام القضاء: يقوم هذا المبدأ على ممارسة حق التقاضي بنفس الإجراءات  لكل من الطرفين بالإضافة الى نفس جهة الحكم و كذا نفس القانون على وجه التوحيد في كل ما سبق ، دون الإخلال بهذا المبدأ. 
  3. ‌مبدأ الوجهائية: والمقصود من هذا المبدأ إتخاذ كافة الإجراءات في مواجهة الخصوم لتمكينهم من معرفة كل الإجراءات المتخذة في النزاع سواء تعلق الامر بالطلبات ، الدفوع ، المستندات،وكافة الإجراءات المختلفة التي تشملها الخصوم (المعاينات-التحقيق-الخبرة)  .

كانت هذه أهم المبادئ التي يقوم عليها النظام القضائي الجزائري بالإضافة الى مبادئ أخرى كعلانية الجلسات وإعمال الإجراءات كتابيا وباللغة العربية وفصل النزاعات في آجال معقولة.



ثانيا: التنظيم القضائي الجزائري وإختصاصاته. 

يتم تنظيم هيكل القضاء في الجزائر حسب الشكل التالي: 

القضاء العادي : 

يشمل نظام القضاء العادي هرم متكون. 

1-)المحاكم:

أول أساس للهرم القضائي العادي ، و هي الجهة القضائية ذات الاختصاص العام يعني أنها تنظر في جميع القضايا والدعاوى المرفوعة أمامها ضمن إختصاصها النوعي و تعتبر الدرجة الأولى للتقاضي.  
تنقسم المحكمة الى أقسام متكونة من ( القسم المدني ، قسم الجنح ، قسم المخالفات ، القسم الاستعجالي ، قسم شؤون الأسرة ، قسم الأحداث ، القسم الاجتماعي ، القسم العقاري ، القسم البحري ، القسم التجاري)  
أما الهيكل البشري في المحكمة فيتكون من(رئيس المحكمة ، نائب رئيس المحكمة ، قضاة الحكم ، قاضي التحقيق أو أكثر ، قاضي أحداث أو أكثر ، وكيل الجمهورية ووكلاء الجمهورية مساعدين ، أمانة الضبط) يتم الفصل في القضايا المعروضة على المحكمة بقاضي فرد . 

2-)المجالس القضائية: 

تعد جهة استئناف عن الأحكام الصادرة عن المحاكم ، وبالتالي هي ثاني درجة للتقاضي وإعادة النظر في القضايا المستأنفة لديها حسب المادة 34 من (ق إ م إ)

وبالرجوع الى المادة 35 يختص اﻟﻤﺠلس القضائي كذلك بالفصل في الطلبات المتعلقة بتنازع الاختصاص بين القضاة، إذا كان النزاع متعلقا بجهتين قضائيتين واقعتين في دائرة اختصاصه يعني بين محكمتين مثلا واقعة في نطاق المجلس القضائي نفسه ، وكذلك في طلبات الرد المرفوعة ضد قضاة المحاكم وهو طلب يرد ضد القضاة يلتمس من خلالها المدعي أو الملتمس عدم قضاء وحكم القاضي المحدد للنزاع القائم.  
تتكون المجالس القضائية من غرف وهي ( الغرفة المدنية ، الغرفة الجزائية ، غرفة الاتهام ، الغرفة الاستعجالية ، غرفة شؤون الأسرة ، غرفة الأحداث ، الغرفة الاجتماعية ، الغرفة العقارية ، الغرفة البحرية ، الغرفة التجارية) ، توجد على مستوى كل مجلس قضائي محكمة الجنايات (محكمة جنايات ابتدائية – محكمة جنايات استئنافية) .
ويتكون كل مجلس قضائي من تشكيلة بشرية تنظم هذا الجهاز القضائي وهي ( رئيس المجلس ، نائب رئيس المجلس أو أكثر ، رؤساء غرف وهم قضاة الحكم في كل غرفة ، مستشارين ، نائب عام ونواب عامين مساعدين ، أمانة الضبط) تكون تشكيلة الحكم جماعية متكونة من 3 قضاة على الأقل. 

3-)المحكمة العليا: 

محكمة وحيدة مقرها الجزائر العاصمة ، تكون مختصة بالنظر في الطعن بالنقض ضد الأحكام النهائية الصادرة من جهات الحكم السابقة (المحاكم والمجالس القضائية) وهي محكمة قانون وليست موضوع الا في استثناءات والأصل أنها تنظر في التطبيق الصحيح للقانون كمراقبة للإجراءات والأحكام  .

تتكون المحكمة العليا من رئاسة المحكمة العليا وكذا غرف مقسمة كالآتي(الغرفة المدنية، الغرفة العقارية، غرفة شؤون الأسرة و المواريث، الغرفة التجارية و البحرية ، الغرفة الإجتماعية، الغرفة الجنائية ، غرفة الجنح و المخالفات) . 

أما بشريا ( النائب العام ، النائب العام المساعد ، المحامون العامون ، ويتولى مهام أمانة الضبط لدى المحكمة العليا أمناء ضبط) . 


القضاء الاداري: 

يتكون نظام القضاء الإداري من. 

1-)المحكمة الادارية: 

جهة الولاية العامة التي تنظر في النزاعات العامة و كأول درجة للتقاضي في الهرم الإداري قضائيا. 
و تتكون هياكلها من أقسام و يمكن أن تقسم الأقسام إلى فروع ، 
ثلاثة قضاة على الأقل من بينهم رئيس و مساعدان برتبة مستشار محافظ الدولة النيابة العامة بمساعدة محافظي دولة مساعدين و كتابة الضبط بحيث توجد في كل محكمة إدارية كتابة ضبط يتكفل بها كاتب ضبط رئيسي يساعده عدد من كتاب الضبط.

2-)المحكمة الإدارية الاستئنافية:

 جهة قضائية تفصل في استئناف الأحكام والأوامر الصادرة عن المـحاكم الإدارية وتعتبر كثاني درجة للتقاضي.

تتكون هذه الجهة القضائية من الغرف ويمكن أن تنقسم الى أقسام و بشريا بتشكيلة بثلاثة قضاة على الأقل من بينهم رئيس و مساعدان برتبة مستشار و يتولى محافظ الدولة دور النيابة العامة بمساعدة محافظي دولة مساعدين ، بالإضافة الى أمانة ضبط للمحكمة الإدارية الإستئنافية. 

3-)مجلس الدولة:

مجلس الدولة هيئة مقومة لأعمال الجهات الإدارية و هو تابع للسلطة القضائية يضمن توحيد الاجتهاد القضائي الإداري في البلاد و يسهر على احترام القانون ، وكذلك جهة تقوم بالفصل في الطعون بالنقض في الأحكام و القرارات الصادرة نهائيا عن الجهات القضائية الإدارية. 
يتكون هيكل هاته الجهة القضائية من غرف وأقسام و بشريا من رئيس مجلس الدولة ، نائب الرئيس ، رؤساء الغرف ، رؤساء الأقسام ، مستشاري الدولة ، محافظ الدولة ، محافظي الدولة مساعدين، بالإضافة الى أمانة ضبط مركزية بإشراف من قاض معين و أمانة ضبط الغرف.  

محكمة التنازع:

هيئة قضائية مستقلة ، تكون وظيفتها الأساسية هي الفصل في تنازع الاختصاصات بين جهة القضاء العادي و جهة القضاء الإداري.
تتكون المحكمة من رئيس محكمة التنازع ، سبعة قضاة من بينهم رئيس ، محافظ الدولة ومحافظ دولة مساعد ، أمانة ضبط.

تنبيهات وملاحظات :

  • تبين المادة 37 من (ق إ م إ) الإختصاص الإقليمي العام للجهات القضائية بقولها «يؤول الاختصاص الإقليمي للجهة القضائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه» يعني أن الدعاوى القضائية ترفع ضد المدعى عليه في موطنه و في حالة تعدد المدعى عليهم فإنها ترفع في موطن أحدهم وهذا ما بينته المادة 38 من نفس القانون ، الا أنه هنالك بعض الإستثناءات ترد على هاته القاعدة العامة حسب المادتين 39 - 40 من نفس القانون كدعاوى قسم شؤون الاسرة المتعلقة بالطلاق والزواج التي ترفع في موطن مسكن الزوجية ودعاوى النفقة التي ترفع الزاما في موطن الدائن بالنفقة. 
  • في ظل التعديلات الأخيرة على التنظيم القضائي في الجزائر و تطبيقا لأحكام المادتين 6 و 7 من القانون رقم 22-07 المؤرخ في 5 ماي 2022 المتضمن التقسيم القضائي  و لأحكام المادة 536 مكرر من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 23 فبراير 2008 المعدل و المتمم المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فقد إستحدثت المحاكم التجارية المتخصصة و باشرت عملها وقد حددت دوائر اختصاصها بمقتضى المرسوم التنفيذي المؤرخ في 14 جانفي 2023 ، وتتشكل من قاضٍ رئيس يساعده أربعة (4) مساعدين يتمتعون بصوت تداولي، تم اختيارهم من بين الذين لهم دراية واسعة بالمسائل التجارية، ويخضعون قبل مباشرة مهامهم لتكوين في المجالات ذات الصلة ، و يكون اختصاصها النوعي مقتصرا على دعاوى محددة حسب المادة 536 من (ق إ م إ) كدعاوى مـنـازعـات الملكية الفكرية و التسوية القضائية والإفلاس. 
  • يتم العمل القضائي بأعوان كذلك يصنفون كمساعدي الهيئات القضائية ومعاونيهم وهم المحامون والمحضرين القضائيين بالإضافة الى الخبراء والموثقين و رجال الضبطية القضائية.


ثالثا: نظرية الدعوى والخصومة القضائية 

لم يعرف المشرع الجزائري الدعوى القضائية مما يستوجب الرجوع الى الفقه لفهم الدعوى ، تعرف الدعوى على أنها الرخصة أو السلطة المشروعة قانونا و الممنوحة الى شخص لإقرار أو حماية حق من الحقوق القانونية ، وبصيغة أخرى هي الوسيلة القضائية الممنوحة للشخص للمطالبة بحق من الحقوق أو استرداده أو حمايته ، تخضع الدعوى القضائية في قبولها الى شروط و أشكال و كذا إجراءات معينة قانونا والتي سنراها تبعا كالآتي :

1-) شروط قبول الدعوى:

لا يتم قبول الدعاوى في القضاء الا بشروط محددة كقاعدة عامة في المادة 13 من (ق إ م إ) بقولها « لا يجوز لأي شخص، التقاضي ما لم تكن له صفة، وله مصلحة قائمة أو محتملة يقرها القانون.» كما أضاف الإذن إذا ما اشترطه القانون حسب الفقرة الأخيرة من نفس المادة ، ولفهم الشروط نفصل :

الصفة: 

يقصد بها رفع الدعوى القضائية من الشخص صاحب الحق نفسه أو من يوكله أو محاميه ضد شخص آخر ذي صفة تتمثل في أنه المدعى عليه و هو الشخص المعتدي أو المغتصب لحق المدعي (رافع الدعوى القضائية) ، ومثال ذلك كأن يقوم شخص برفع دعوى قضائية مطالبا بإبطال عقد دون أن يكون هذا الشخص طرفا فيه وهنا تنعدم الصفة وبالتالي لا تقبل دعواه المرفوعة لإنعدام أحد شروط قبولها (الصفة) .

وكإستثناء أقرته المادة 189 من القانون المدني يمكن لشخص (دائن) أن يرفع دعوى قضائية بإسم مدينه ضد مدين هذا الأخير و تسمى بالدعوى الغير المباشرة الرامية الى حماية حق الدائنية (الضمان العام) .

المصلحة:

وهي الفائدة أو المنفعة التي يطالب بها المدعي في القضاء وهي مناط كل الدعاوى القضائية المدنية ، ولتوفر المصلحة وجب أن تكون وفق الشروط التالية:

  • قانونية المصلحة: بمعنى أن تكون المصلحة صادرة عن إقرار وحماية مشروعة ومعترف بها من طرف القانون ، ومثال ذلك أن يرفع شخص دعوى قضائية مطالبا بدينه ضد شخص آخر وكان هذا الدين ناتجا عن عمل غير مشروع كالقمار أو مقترنا بمحل غير مشروع كالمخدرات ، فهنا تنعدم صفة المصلحة قانونا وبالتالي لا تقبل الدعوى. 
  • وجوب قيام المصلحة أو احتمالية قيامها: وهو وجوب وجود المصلحة (محل الدعوى) كأن يقوم شخص برفع دعوى مطالبا بدين وكان هذا الدين غير موجود أصلا فتنعدم المصلحة وترفض دعواه ، أو إمكانية قيامها مستقبلا ومثال ذلك الدعاوى الوقائية و الإستعجالية الهادفة لتلافي الضرر المستقبلي كدعوى وقف الأعمال الجديدة المتعلقة بالحيازة .

تنبيهات وملاحظات:

يشترط في بعض القضايا المعينة إجراءات معينة كرفع الدعوى ضمن آجالها التي حددها القانون و شروط  اضافة الى ماسبق منها ماتعلق:

  • بتوفر أهلية التقاضي التي إعتبرت شرطا عاما لقبول الدعوى وصحتها في كل الدعاوى. 
  • بالمنازعات الفردية الخاص بالعمال ضد أرباب العمل فيشترط ارفاق عريضة افتتاح الدعوى مع محضرعدم  الصلح.  
  • وجوب إشهار عريضة رفع الدعوى لدى المحافظة العقارية ، إذا تعلقت بعقار و أو حق عيني عقاري مشهر طبقا للقانون حسب المادة 17 من (ق إ م إ) تحديداً في فقرتها الأخيرة. 
  • والإذن المقرر قانونا كآثار زواج القصر وكذا ممارساتهم التجارية.  
  • يمكن للقاضي إثارة انعدام أحد الشروط السابقة و رفض الدعوى حسب ما أقرته المادة 13 في فقرتها الثانية «يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة في المدعي أو في المدعى عليه.»

2-)الإجراءات العملية لرفع الدعوى القضائية :

يتم رفع الدعاوى القضائية بإجراءات محددة قانونا وهي كالآتي:

تقديم العريضة الإفتتاحية:

وهي أول إجراء يتعين على المدعي تقديمه حسب المادة 14 من (ق إ م إ) وهي عريضة مكتوبة محددة لمعلومات النزاع القائم تودع لدى أمانة ضبط المحكمة و وفق شكل محدد حسب المادة 15 من (ق إ م إ) يجب أن تتضمن عريضة افتتاح الدعوى، تحت طائلة عدم قبولها شكلا ، الجهة القضائية المرفوعة أمامها الدعوى ، أسماء و القاب المدعي والمدعى عليه ومكان الاقامة وكذا الطلبات بالإضافة الى عرض وجيز للوقائع ، يتم تقديم العريضة بنسخ إضافية دائما حسب عدد المدعى عليهم . 
وحسب المادتين 16 و 17 من (ق إ م إ) يتم بعدها دفع الرسوم القضائية و تقييد العريضة في سجل خاص من قِبل أمانة الضبط لدى المحكمة و على نسخ العريضة الإفتتاحية يسجل رقم القضية وكذا تاريخ أول جلسة. 
بعدها يتحصل المدعي على نسخ العريضة الإفتتاحية المؤشرة بتاريخ أول جلسة و يتم تقديمها للمُحضر القضائي بغرض تسليم التكليف بالحضور رسميا للمدعى عليه. 

تسليم التكليف بالحضور للخصوم : 

بعد ماسبق يتم تسليم التكليف بالحضور و نسخة العريضة الإفتتاحية للمدعى عليه ، ويتم التبليغ الرسمي بواسطة المُحضر القضائي بشكلين :

  • التبليغ الشخصي: بمعنى أن يتم تبليغ وتسليم المحضر للشخص المدعى عليهم يدا بيد أي شخصيا.
  • التبليغ في الموطن: في حالة غياب المدعى عليه شخصيا يمكن أن يستلم التكليف بالحضور شخص من عائلة المدعى عليه (أب، أم ، إخوة) . 
بعد التبليغ الرسمي بالتكليف بالحضور يولد أثرا وهو قيام الخصومة القضائية بين المدعي و المدعى عليه.


3-)الطلبات والدفوع :

إن المشرع والقضاء الجزائري وفي سعيه لتحقيق التوازن والعدالة بين الخصوم قد منح لهم وسائل لإستعمال الحق في الدعوى وقد نظمها بموجب مواد صريحة وهي الطلبات والدفوع و نفصل هذه الوسائل كالآتي:

الطلبات:

الوجه الإيجابي لوسائل استعمال الحق في الدعوى وهو ما يطلبه المدعي من القضاء و يأمل أن يتم الحكم لصالحه به ضد المدعى عليه و تنقسم حسب المادة 25 من (ق إ م إ) الى :

  1. الطلب الأصلي: هو ما يقدمه المدعي في عريضته الافتتاحية كطلب عام و أولي و هو الذي يحدد موضوع النزاع ، كأن يطلب المدعي الزام المدعى عليه بتنفيذ التزامه. 
  2. الطلبات العارضة: وهي إما فرعية يقدمها المدعي أو مقابلة يطالب بها المدعى عليه وهي:
  •     الطلب الفرعي: وهي الطلبات الثانوية المقدمة من طرف المدعي  مع الطلب الأصلي كأن يطالب المدعي في المثال السابق التعويض عن الضرر الناجم بسبب التأخر بتنفيذ التزام المدعى عليه.
  •     الطلب المقابل: ما يطلبه المدعى عليه ضد الطلب الأصلي كأن يطلب إثبات المديونية أو نوع و قيمة الإلتزام فضلا عن طلبه رفض إدعاءات وطلبات المدعي.
  •     الطلب الخارج عن الخصوم(الغير): كأن يطلب شخص ليس من الخصوم التدخل في النزاع القائم إما لحماية مصلحة في النزاع وهو الأصلي أو دعم إدعاءات أحد الخصوم وهو التدخل الفرعي حسب ما بينته المواد من 194 الى 198 من نفس القانون. 

الدفوع:

 هي دفاع المدعى عليهم و تعتبر كرد على ما جاء به المدعي وتكون الدفوع متغيرة ومحددة قانونا كالآتي:

دفوع شكلية (إجرائية): و هي دفوع ترد على صحة الإجراءات المعمول بها من قِبل المدعي حسب المادة المادة 49 من (ق إ م إ) «الدفوع الشكلية هي كل وسيلة تهدف إلى التصريح بعدم صحة الإجراءات أو انقضائها أو وقفها.» وتتمثل الدفوع الشكلية كالدفع بعدم إختصاص المحكمة إقليميا أو وجود خطأ في شكلية العريضة الإفتتاحية ، ويجب التنبيه أنه على وجه الإلزام يكون الدفع شكلا قبل الدفع موضوعا.  

دفوع موضوعية: أقرتها المادة 48 من نفس القانون ، و هي ما تعلقت بصحة إدعاءات المدعي ، فهنا يتم الدفاع عن عدم موضوعية الإدعاء وحقيقته أو تزييفه و إنكار ماتم طلبه من المدعي.  

الدفع بعدم القبول: وهو دفاع المدعى عليه برفض دعوى المدعي لإنعدام أحد شروط قبولها  كالصفة والمصلحة أو تقادم الدعوى ، أو عدم أهلية التقاضي لدى المدعي وهذا ما وضحته المادة 67 من (ق إ م إ) .


4-)عوارض الخصومة: 

عرفنا أن الخصومة القضائية تبدأ بعد التكليف بالحضور للجلسة و تنعقد أثناء الجلسة بعريضة افتتاحية ومذكرات جوابية ، الا أنه هنالك بعض الأسباب والعوارض القانونية التي تعيق وتوقف استمرارية هذه الخصومة وهي كالآتي:

  • بسبب ضم الخصومات وفصلها: حيث يمكن للقاضي أن يضم أو يفصل خصومتين متفرقتان في خصومة واحدة إذا ما كانت كلاهما مرتبطين واقعيا أو إذا ما رأى القاضي الأحسن في ذلك وهذا ما أكدته المادة 207 من (ق إ م إ) .
  • بسبب إنقطاعها: بينت ذلك المادة 210 من (ق إ م إ) كتغير في أهلية التقاضي لدى الخصمين أو وفاة أحدهما ، و أيضا بسبب تنحي أو شطب أو وفاة المحامي.  
  • وقف الخصومة: يقصد بها عدم السير في إجراءاتها بسبب من الأسباب كحكم القانون ومثال على ذلك قاعدة الجنائي يوقف المدني حسب المادة 4 من (ق إ ج) ، و قد توقف الخصومة أيضا حتى يفصل في طلبات رد القاضي فإذا حكم في النزاع كان حكمه باطلا حسب المادة 245 من (ق إ م إ) ، بالإضافة الى إرجاء الفصل فيها أو شطبها إما بطلب من الخصمين أو أمر من القاضي مبينتا ذلك المواد من 213 الى 219 من (ق إ م إ).
بالإضافة الى ما سبق من عوارض يمكن أن تنقضي الدعوى بسبب الصلح أو التنازل عن الدعوى أو سقوطها بسبب تخلف أحد الخصوم القيام بإجراءات معينة مكملة لمساعي فصل النزاع.



رابعا: الأحكام والطعون القضائية

الأحكام:

و هي ما يقضي بها القاضي في النزاع بعد دراسة الدعوى والمرافعات وكذا الأدلة وتنقسم الى:  

1-) من حيث النظر في موضوع النزاع 

و تنقسم هذه الاحكام الى نوعين :

  • الأحكام الفاصلة في الموضوع: نصت عليها المادة 296 من (ق إ م إ) وهي الأحكام التي تفصل إما كليا في موضوع النزاع كالحكم بفك الرابطة الزوجية ، أو جزئيا كالفصل في طلب عارض أو دفع من دفوع المدعى عليه. 
  • الاحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع: نصت عليها المادة 298 من (ق إ م إ) بقولها «الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع هو الحكم الآمر بإجراء تحقيق أو بتدبير مؤقت.»  ومثال ذلك الحكم بتعيين حارس قضائي على المال محل النزاع الى غاية الفصل في الموضوع ، الحكم بتعيين خبير ، الحكم بإجراء تحقيق.  

2-) من حيث قابليتها للطعن 

  • الحكم الحضوري: حسب المادة 288 من (ق إ م إ) يكون في حالة حضور وتواجد الخصوم شخصيا أو من ينوب عنهم (محامي أو وكيل) وهو حكم قابل للإستئناف.
  • الحكم الحضوري الإعتباري: نصت عليه المادة 293 من (ق إ م إ) وهو في حالة غياب المدعى عليه أو من ينوب عنه عن الجلسة بعد تبليغه تبليغا شخصيا من طرف المحضر قضائي ، وهو حكم قابل للإستئناف.
  • الحكم الغيابي: بينته المادة 292 من (ق إ م إ) ، يكون في حالة غياب المدعى عليه أو من ينوب عنه بعد تبليغه تبليغا صحيحا (إستلام التكليف بالحضور من طرف الأقارب) ، وهو حكم قابل للمعارضة و للإستئناف. 

3-) الأحكام الابتدائية و النهائية و البات

  • الأحكام الابتدائية: هي الأحكام الصادرة من المحاكم حيث أنها أول درجة للتقاضي وهي أحكام قابلة للطعن بكافة طرق الطعن فيها . 
  • الأحكام النهائية: هي الأحكام النهائية التي لا يمكن الطعن فيها لا بالمعارضة ولا بالإستئناف و تكون حائزة لقوة الشيئ مقضي فيه بمعنى أنها قابلة للتنفيذ وهي قابلة للطعن بالنقض او التماس اعادة النظر (طرق الطعن الغير عادية) .  
  • الأحكام البات: هي الأحكام التي لا يمكن الطعن بها بأي طريقة ، بحيث أنها استنفذت جميع طرق الطعن إما بإنقضاء المدة القانونية لقابلية الطعن أو تم ذلك بكافة الطرق. 


الطعون القضائية:

 هي إجراءات قانونية يتخذها طرف من أطراف الحكم بمثابة إعتراض على حكم قضائي صدر بحق الدعوى وتنقسم الى:

 طرق الطعن العادية:

  • الإستئناف: إذا صدر حكم عن المحكمة كأول درجة للتقاضي و كان إما حضوريا أو إعتباري حضوري ويكون أمام المجلس القضائي في أجل 30 يوم اذا كان التبليغ بالحكم شخصيا أو 60 يوم اذا تم التبليغ الرسمي بالحكم في موطنه الحقيقي او المختار حسب ما أقرته المواد 332 - 333 من (ق إ م إ) .
  •  المعارضة: عند الحكم الغيابي في أجل 30 يوم وذلك أمام نفس الجهة القضائية التي صدر عنها الحكم إبتداءاً من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم او القرار الغيابي حسب المادة 329 من (ق إ م إ).


طرق الطعن الغير عادية:

  • الطعن بالنقض: ضد القرار الصادر عن المجلس القضائي - الحكم النهائي الصادر عن المحكمة ، وهو محدد بـ 60 يوم من تاريخ التبليغ الشخصي بالحكم - 3اشهر في حالة التبليغ الصحيح ، ويكون أمام المحكمة العليا وهذا ما تبينه المواد 349 - 350 - 354 من (ق إ م إ).
  • إعتراض الغير الخارج عن الخصومة: بعد أن يصدر حكم أو قرار أمام نفس الهيئة ويهدف هذا الطعن الى مراجعة أو إلغاء الحكم أو القرار أو الأمر الاستعجالي الذي فصل في أصل النزاع ويكون محددا ب-15سنة من تاريخ صدوره - شهرين عندما يتم التبليغ الرسمي بالحكم او القرار ، ويجوز لكل ذي مصلحة في النزاع القيام بهذا الطعن بالرجوع الى المواد 380 - 381 - 384 من (ق إ م إ) .
  • التماس إعادة النظرة: يهدف هذا الإعتراض الى مراجعة الأمر الإستعجالي أو الحكم أو القرار الفاصل في الموضوع ، لا يجوز تقديم التماس إعادة النظر الا من من كان طرفا فالحكم أو القرار في أجل شهرين يبدأ سريانه من تاريخ ثبوت التزوير او تاريخ اكتشاف الوثيقة المحتجزة عند طرف في الدعوى وهما أصل الدعوى حيث أنها متعلقة بوجود حكم مبنى على إثباتات مزورة كشهادة الشهود أو أوراق بالإضافة الى ثبوت حجز أحد الطرفين لأوراق كانت لتحسم وتغير حكم النزاع - يكون هذا الطعن أمام نفس الجهة بالعودة الى المواد من 390 الى 393 من (ق إ م إ).

خاتمة:

رأينا في هذا المقال أهم نقاط مقياس وكذا قانون الإجراءات المدنية والإدارية و بينا كيف أن المشرع الجزائري و في سعيه لأفضل محاكمة عادلة و قضاء نزيه قد أقر إجراءات وعمليات وطرق لضمان ذلك كما وضحنا في هذا المقال ، مجهود هذا العمل ماهو الا سعيٌ منا في تسهيل وتبسيط معلومات هذا القانون والمقياس المهم و كواجب علمي وقانوني لابد القول أنه لا غنى كذلك عن الرجوع الى أساتذة الميدان القانوني للتوضيح والإستفادة أكثر.


المراجع:

  1. قانون الإجراءات المدنية والإدارية 08 - 09 المعدل و المتمم بالقانون 22-13
  2. محاضرات و أعمال حضورية في مقياس قانون الإجراءات المدنية والإدارية للأستاذين (تومي العربي - بوزيان هواري) 
  3. عمر زودة ، كتاب الإجراءات المدنية والإدارية ، الطبعة الثالثة 2023.