-->

السياسة الجزائية, قانون أم تعليمة !

حجم خط المقالة

 

السياسة الجزائية, قانون أم تعليمة !

بقلم : الباحثة بن عاشور شيماء


مقدمة :

    تسعى جل دول العالم وراء مكافحة الاجرام و الآفات التي  تمس مجتمعاتها من خلال وضع إستراتيجيات و خطط مدروسة و ملائمة من قبل المؤسسات الرئيسية و التي تظهر راي الشعب و الجماعة بصفة عامة في تحديد السلوك المخالف و العقوبة المقررة بالقانون ،الى جانب ذلك السياسة الجزائية في بلد ما تختلف عن الخطة التي تسري عليها الدولة في مجال معين بين دولة اخرى  ، فمن خلال اعتبار السياسة الجزائية ليست قرارات تتخذها الدولة و انما هي مجموعة مبادئ علمية يتحدد على اساسها توجيه نشاط الدولة في مجال الاجرام و العقاب و المنع , و من هذا القبيل يطرح الاشكالية الاتية, هل يمكن اعتبار السياسة الجزائية التي تنتهجها الدول للحد من الظاهرة الاجرامية  قانونا ام تعليمة ؟ او ما علاقة السياسة الجزائية بالقانون الوضعي ؟ما هي ما علاقة السياسة الجزائية بالتعليمة ؟


 1-ماهي السياسة الجزائية ؟

للوقوف على تعريف جامع و مانع للسياسة الجزائية كان لابد من ان نقف امام تعريفها لغة ثم قانونا .

أ‌)  السياسة الجزائية لغة:

السياسة :جاء على لسان العرب بمعنى القيام على الشيء بما يصلحه .

وجاء ايضا في معجم الوسيط : وساس الامور بمعنى دبرها و قام باصلاحها،فهو سائس ،و الجمع ساسة وسواس

ب) المفهوم القانوني للسياسة الجزائية :

يقوم مصطلح السياسة الجزائية في المجال القانونيعلى تبيان و رسم المبادىء التي  انتهاجها في تحديد ما يعتبر جريمة ،و في اتخاذ التدابير المانعة و العقوبة المقررة لها .

و عليه فهي تلك الخطوط الغليظة التي تحدد اتجاه المشرع الجنائي و السلطات القائمة على تطبيق التشريع و تنفيذه بغية التصدي و جابهة الجريمة .


 2-    ما علاقة السياسة الجزائية بالقانون الوضعي ؟

     لذا تكمن العلاقة بين القانون و السياسة الجزائية في اعتبار ان السياسة الجزائية هي النوات. و اهم الخطوات التي من خلالها تصاغ النصوص القانونية الوضعية .

    تجدر الاشارة الى انه قد تفشل السياسة الجزائية في تحقيق الهدف  المرجو منها، اين تصبح هي العامل الاساسي في تطور الجريمة و يرجع ذلك الى فشل واضعيها في ضبط و تسخير الوسائل الملائمة للوقاية و الحد منها .

    و ما يؤكد صدق هذا القول  هو ما تشهده الجزائر من ارتفاع جد مقلق في معدلات الاجرام ،مع غياب تام للعدالة في ظل ترسانة قانونية شاسعة تشهد تعديلات متتالية من دون جدوى .

    و لمعالجة هذا الاشكال يقتضي وضع إستراتيجيات مستقبلية لمكافحة الاجرام و تحقيق الحماية الخاصة و العامة و تأمين دوام هذه الحماية ،و ذلك ضمن السياسة العامة للدولة ،تؤخذ بعين الاعتبار الامكانيات المادية و البشرية المتاحة لها نظرا للخصوصية التي تتمتع بها كل دولة.


3-   هل يوجد علاقة بين السياسة الجزائية و التعليمة ؟

   للاجابة عن هذا التساؤل  يجدر بنا تعريف التعليمة اولا ،للكشف عن حقيقة وجود العلاقة بينها و بين السياسة الجزائية من عدمها .

يتمتع النظام القانوني للدولة من ترسانة قانونية واسعة صادرة عن السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية ، فرغم كل هذه الصلاحيات الممنوحة لهذه السلطات،الا ان الادارة لم تكتف بالمراسيم بنوعيها الرىاسية و التنفيذية وكذا  القرارات الادارية ،بل اصبحت تستعين بالاعمال القانونية الصادرة عنها ،تهدف من خلالها الى التنظيم الداخلي للادارة و هذا ما يسمى بالتعليمات ،فهي تصدر من قبل الوزراء للعاملين تحت سلطتهم من اجل تعريفهم بطريقة تطبيق او تفسير القوانين و القرارات التنظيمية .

    اذن فالتعليمة هي عبارة عن توجيهات عامة يضعها المسؤولين عن المرافق العمومية للموظفين الذين هم تحت سلطتهم ، و ذلك فيما يتعلق بتطبيق و تفسير النصوص القانونية .

    فمن خلال تعرفنا عن المقصود بالتعليمة و مصدرها و الهدف المرجو من اصدارها يتجلى لنا بكل وضوح عدم وجود اية علاقة بين التعليمة والسياسة الجزائية التي تعتبر الاستراتيجيات و الخطط التي تعمل السلطات الرئيسية من خلالها على ضبط الافعال المجرمة و الافات بهدف  الوقائية منها و تقرير العقوبة المناسبة لها .


خاتمة :

    و يتجلى عمل الدولة و جهدها من اجل تحقيق الامن و النظام العام و خاصة عدالة ناجزة، اعتمادها على استراتيجيات و سبل ذات منهج علمي، و جعلها ضمن اولويات برنامج الحكومة، عن طريق تجريم سلوكيات اجرامية رات فيها تطورا و تهديدا للنظام العام، حيث قامت بتوسيع نطاق التجريم باصدارها نصوص قانونية تضبط الافعال المجرمة و اقرار عقوبات ردعية لمرتكبيها، فمن هنا تظهر العلاقة الموجودة بين السياسة الجزائية  و القانون، اين يتبادر ان من خلال السياسة الجزائية المتبعة يتم سن و صياغة القوانين، و لايمكن القول ان السياسة الجزائية في حد ذاتها هي قانون .

   وما يؤكد ما سبق قوله هو ان في بعض الاحيان قد يكون للسياسة الجزائية دور سلبي في حالة انتهاج السلطات المختصة استراتيجيات غير مبنية على اسس علمية اوغير  مرتكزة على موارد و امكانيات التي تنعم بها الدولة ،نظرا للخصوصية التي تتمتع بها السياسة الجزائية .

   على العموم ليس من الضروري ان تكون للسياسة الجزائية لدولة ما دور ايجابي عند اعتمادها، في دولة اخرى،. فغالبا هذا ما تشهده الجزائر من خلال انتهاج مسؤوليها لسياسات انتهجت من قبل دول اجنبية دون الاعتماد على دراسة مدى مطابقتها و ملاءمتها للوضع و الظروف و الامكانيات البشرية و المادية ، مما يجعل فشل هذه السياسة ضرورة حتمية.


تحميل


قائمة المراجع :

1- الدكتور اسامة صلاح محمد بهاء الدين ,مكاتة  الاصلاح و اعادة التاهيل في السياسة الجزائية المعاصرة ,مجلة المحكمة العليا ,جامعة التنمية البشرية ,العراق .

2- الدكتور احمد فتحي  سرور , اصول السياسة الجزائية ,س1972, دار النهضة العربية ,القاهرة ,مصر

3- زروقي فايزة ، بوراس عبد القادر , السياسة الجنائية المعاصرة بين أنسنة العقوبة وتطوير قواعد العدالة, مجلـة الحقوق والعلوم الإنسانية.

4- الدكتورة بن مبارك راضية ,مكانة التعليمة في النظام القانوني الجزائري ,مجلة البحوث القانونية و العلوم السياسية .



احذر انتهاك حقوق الملكية الفكرية المضمنة في هذا الموقع, دون الاشارة الى مصدر المعلومة المتمثل في موقع المساعد