-->

الاثبات في المواد الجزائية على ضوء للقانون الجزائري.

حجم خط المقالة

طرق الاثباث في القانون الجزائري

الباحثة : بوجمعي نجوى.

المقدمة : 

يعتبر الاثبات من اهم الإمور في الدعوى الجزائية على حد سواء ، اذ به يظهر الحق ويدحر الباطل و تصان الحقوق ويعم الامن  و   الاطمئنان ربوع المجتمع،  وهي تحظى  أيضا باهتمامات القاضي لما يتطلبه الامر الى إقامة الدليل الكافي و اسنادها الى فاعل الجريمة. فالإثبات  لا يمكن فصله عن القضاء فهو روح هذا الحكم ما بحيث ان  الاثبات الجزائي هو النتيجة التي تتحقق باستعمال طرق اثبات للوصل الى الدليل على وقوع الجريمة او عدم وقوعها فهو عبارة عن الدليل او الحجة لإثبات الوقائع لسطات المختصة  وذلك بتقريب الحقيقة الواقعية من الحقيقة القضائية  بمحاولة استرجاع الواقعة المرتكبة و تصويرها كما حدث، لذلك يستعين قدر جهدة  بكل طرق .الإثبات ، و هذا  ما سوف نتفصل فيه  من خلال تعريف الإثبات وانظمته وطرق الإثبات من التقليدية والحديثة .

أولا: مفهوم لإثبات وبيان انظمته الرئيسية :

 ان مسالة الاثبات من المسائل العامة التي وجب تخصيصها في المجال القانوني حتى يسهل دراستها بدقة ، لدى وجب معرفة تعريف الاثبات و أهميته في الدعوى و انظمته .

1-تعريف الاثبات :

سنتطرق الى تعريف الإثبات من الناحية اللغوية و الاصطلاحية و تفرقة الأثبات الجزائي و الإثبات المدني :

 أ-من الناحية اللغوية : 

مأخودتة من القول ثبث الشئ اذا دام و استقر فيقال ثبت بالمكان اقام فيه ، ويقال ثبت فلان على موقفه اذا لم يتراجع عنه ، ثبت الامر أي صح و تحقق وثبت الامر صححه وحققه، ويقال اثبت الكتاب سجله، واثبت الحق اقام حجته . لذلك سمى الدليل ثبتا لأنه يؤدى الى استقرار الحق لصاحبه بعدما كان غير مستقر و ثبت بعد ان كان متارجحا بين المتداعيين .

ب-من الناحية الاصطلاحية  : 

دهب الفقهاء في تعريفهم الاثبات في الاصطلاح مذاهب شتى فمنهم من اطلقه على معنيين معنى عام و معنى خاص ، ويقصدون بالمعنى العام إقامة الحجة مطلقا ، سواء كان ذلك على حق ام على واقعة ، وسواء اكان امام القاضي او امام غيره، وسواء كان عند التنازع ام قبله وتوسعوا في اطلاق معنى الاثبات فشمل توثيق الحقوق عند انشائها و الديون وكتابة المحاضر و المستندات و غير ذلك من المجالات العلمية ، فكل علم لا قيمة له الا بإثبات صحته و منهم من عرفه بإنه إقامة الحجة امام القضاء بالطرق  التى حددتها الشريعة الإسلامية على حق او واقعة تترتب عليها اثار شرعية .

ج-من الناحية القانونية : 

تم تعريفه على انه" إقامة الدليل لدى السلطات المختصة بالإجراءات الجزائية  او عدم قيامها وبالطرق المشروعية قانونا و بيان حقيقة نسبتها الى المتهم و شركائه  "وقد عرف ايضا " انه إقامة الدليل لدى السلطات المختصة على حقيقة واقعة  ذات أهمية قانونية وذلك بالطرق التى حددها القانون وفق القواعد التي اخضعها لها ".

   دـ الفرق بين الاثبات الجزائي و الاثبات المدني :                                                                                                        

 الإثبات الجزائي يهدف للوصل الى حقيقة بينما في المسائل المدنية فالغرض منه الفصل في النزاع بين اطراف الخصومة .

-من حيث عبئ الإثبات في المواد الجزائية يقع عاتق النيابة العامة اما في المسائل المدنية فإنه  يقع على الخصوم بحيث يلتزم كل طرف بالواقعة المدعى بها في مواجهة الخصم .

- القاضي في الدعوى الجزائية يملك الحرية في تقدير الوقاع بحيث ان القانون وضح ذلك في المادة 212ق.أ.ج.ج ، غير انه في الدعوى المدنية فعملية الاثبات مقيدة بمبدأ وجوب قبول الاثبات بالبينة في مسائل محددة بنص قانوني ، و منه فاللقاضي دور ايجابي في الدعوى الجنائية على عكس الدعوى الجزائية .

2-أنظمة الإثبات الجزائي :

تعددت وسائل و انظمة الاثبات عبر العصور مطبقا كل عصر نظام الاثبات الذي يتماشى مع ما وصله من تقدم في سائر العلوم بصفة عامة و الاثبات الجزائي بصفة خاصة  فتمثلت في  ،نظام الاثبات المقيد ، نظام الاثبات الحر ، نظام الاثبات المختلط  .

أـ نظام الاثبات المقيد :   

فطبيعة هذا النوع هو انه يقيد القاضي في حكمه بالادانة او البراءة بانواع معينة من الادلة  او بعدد منها طبقا لما رسمه التشريع المطبق دون ان يعتد في ذلك بمدى قناعة القاضي بها او عدم قناعته ، فاقتناع المشرع في هذه النظام يقوم مقام اقتناع القاضي .

ب- نظام الاثبات الحر :  

يقوم هذا المبدا على اقتناع  القاضي اي مبدا الاقتناع الشخصي و بمقتضاه يباشر القاضي دور ايجابيا في كشف الحقيقة ويبدوا هذا من جانبيين : 

       •الاول : حرية القاضي في ان يستمد قناعته من اي دليل  يطمئن اليه . 

      •الثاني: حرية القاضي في تقدير الإدلة المطروحة عليه  .

فهذا النظام على النقيض تماما من سابقة ، ففيه لا يرسم القانون طرقا معنية الاثبات ، بل بمقتضاه تطلق الحرية للقاضي في الوصل الى الحقيقة بأية وسيلة ممكنه ، كما تتر للخصوم الحرية في تقديم اي دليل يمكنهم بواسطته اقناع القاضي في ظله بحقهم، ويقوم القاضي بدور إيجابي فهو حر في تكوين اعتقاده كيف ما يشاء ، ويمتاز هذا النظام بإعطاء حرية للقاضي في تقدير الإدلة دون ان يفرض عليه قيد او شرط ، غير قيد واجبه القضائي و نزاهة ضميره .

ج- الاثبات المختلط :

 يسلك هذا النظام طريقا وسطا للتوفيق بين النظامين السابقين، فهو مع تحديد طرق الاثبات فهو يمنح القاضي سلطة تقدير الادلة ، فهذا   
 المذهب افضل من سابقه كونه يجمع محاسنها ويستبعد مساوئها  . 
  اما فيما يخص المشرع الجزائري: ف لقد مزج بين النظام الحر  و النظام  المقيد .


ثانيا :  انواع وسائل الاثبات التقليدية والحديثة  

سنتطرق في من خلال  العنوان المذكور اعلاه لتعرف الى انواع وسائل الاثبات بين الوسائل التقليدية  التي تتمثل في طرق الاثبات بالادلة الجزائية العامة في قانون إ.ج.ج  و انواع وسائل الاثبات الحديثة التي تتمثل في انعكاسات التطور العلمي و التكنولوجي الهائل و ما فرضه من صور جديدة في مجال الجريمة دون المساس بحقوق و حريات المتهمين .

1-وسائل الاثبات التقليدية : 

   اعتمد المشرع الجزائري في وسائل الاثبات العامة اي التقليدية إلى نوعيين أدلة مباشرة و أدلة غير مباشرة . 

   أ-الادلة الغير مباشرة  : 

تتمثل الادلة الغير مباشرة في مجال الاثبات الجزائي في القرائن و شهادة الشهود والاستجواب و التفتيش :

           •القرائن : عرفها بعض الفقه بانها استنتاج القاضي للواقعة المراد اثباتها من واقعة اخرى تقوم على الدليل اثبات ، كما نجد ان الفقه الاسلامي  يصب في ذات المعنى  ، بحيث ان للقرائن اقسام منها  القرائن القانونية المستمدة  من نصوص قانونية لا يمكن للقاضي  الا ان يستخلص  دليلا معينا  ومثال عنها ماورد في المادة 45 من ق.ا.ج التي تنص على حالة تفتيش مساكن المشتبه فيهم بحيازة اوراق او اشياء لها علاقة بالافعال الاجرامية . اما القرائن القضائية هي عكس القرائن القانونية تستخلص من ظروف القضية و الدلائل المحيطة بها ، فتعد القرينة القضائية  دليلا غير مباشر فيستخدم القاضي الاستتاج العقلي في فهم الوقائع .

        • شهادة الشهود (le Temoignage ) : تعرف الشهادة على انها اثبات واقعة معينة من خلال ما يقوله احد الأشخاص عما شاهده او ادركه بنفسه بحاسة من حواسه عن هذه الواقعة ، وقد نصت عليه المادة 88ق.ا.ج على إمكانية قاضي التحقيق  استدعاء كل شخص يرى فائدة من سماع شهادته  ، فالشهادة دليل من الأدلة الجزائية معمول بهافي جميع التشريعات الجنائية . ويشترط في الشهادة حسب المادة 225 من ق.إ.ج التي نصت في فقرتها الأولى على انه يؤدي الشهود بعد ذلك شهادتهم بما يجب ان يتوافر  في الشهود انفسهم و منها يجب ان يتوفر في الشاهد عدة شروط منها الاهلية  ، حرية الاختيار ، حلف اليمين القانوني ، التمتع بالحقوق الوطنية ، عدم تعارض صفة الشاهد مع أي صفة أخرى في الدعوى .

        • الاستجواب : الاستجواب هو اجراء من إجراءات التحقيق يهدف الى الوصول الى الحقيقة التهمة من نفس اقوال المتهم، اما بالاعتراف منه بصحة التهمة المنسوبة اليه ، اما بدفاع ينفي التهمة عنه و بهذا المعنى فالاستجواب يحقق وظيفتين أسساسيتين :

            - اثبات شخصية المتهم و مناقشته تفصيليا في الأتهام الموجه إليه

           - تحقيق دفاع المتهم 

اذن فالاستجواب يهدف الى التثبيت من شخصية المتهم و تمكينه من الدفاع عن نفسه برد الاتهام الموجه اليه ، وبالتالي فهو مصدرا مهما من مصادر الأدلة في التحقيق باعتباره ان سلطة التحقيق تستقي منه العناصر الكافية لأثبات او نفي التهمة قبل المتهم ، و انطلاقا من هذه المعطيات يجب ان يكون استجواب المتهم مقسما بالمنطق وبالترتيب الطبيعي للأمور ، وهذا يعني ان يرتب المحقق في لأذهنه وقائع الحادث ترتيبا فعليا وواقعيا ، ثم يبدا في مناقشة المتهم عنها الواحدة تلوى الأخرى .  وبهذا الأسلوب يستطيع المحقق ان يستوفي جميع النقاط التي يريد مناقشتها دون ان يشوب بعضها الغموض او النقص ، و لا يشترط في هذا ان تكون الأسئلة التي يسالها المحقق للمتهم تتسم بخاصية معينة ، إنما يكفي ان تكون هذه الأسئلة بسيطة وقصيرة وبأسلوب سهل الفهم على المستجوب وتقدير كيفية سماع المتهم و تحرير محضر بأقواله حسب المادة 18 من ق.إ.ج متروكة لقاضي الموضع في حالة المنازعة . 

       • التفتيش:  يمنح الدستور الجزائري  للمساكن حرمة خاصة فلا يجوز دخولها و لا تفتيشها و لا مراقبتها إلا بشروط محددة تضمنتها المادة 47 من الدستور التي تنص على أنه  تتضمن" الدولة عدم انتهاك حرمة المنازل فلا تفتيش الا بمقتضى القانون ،وفي اطار احترامه و لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة " .

يعتبر التفتيش من اعمال التحقيق و لا يعد من إجراءات الاستدلال، فلا يجوز ان يتخد التفتيش وسيلة لاكتشاف الجرائم وضبط مرتكيتبها وإنما محل هذا هو جمع الاستدلالات ، فالبلاغ عن الجريمة وحده لا يكفي لإجراء التفتيش ، وإنما يجب ان تقوم دلائل قوية ضد شخص معين بأن له يدا في ارتكابها حتى يصح تفتيش مسكنه ، اي أن التفتيش لا يكون إلا بعد إرتكاب الجريمة ، وإن كان قانون الإجراءات  الجزائية لم يعط تعريفا دقيقا لهذا الإجراء  ، فقد نصت المادة 44 ق.أ.ج  المعادلة بموجب القانون 06ـ22 المعدلة لقانون الإجراءات الجزائرية على انه لا يجوز لضباط الشرطة القضائية الانتقال الى مساكن الإشخاص الذين يظهر انهم ساهموا في الجناية او انهم يحوزون أوراقا او أشياء لها علاقة بالافعال الجنائية المرتكبة لإجراء تفتيش الا بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية او قاضي التحقيق مع وجوب الإستظهار بهذا الامر قبل الدخول الى المنزل والشروع في التفتيش .

كما يجب ان يتضمن هذا الاذن بيان وصف الجرم موضوع البحث عن الدليل و عنوان الاماكن التي ستتم زيارتها وتفتيشها و اجراء الحجز فيها و ذلك تحت طائلة البطلان .

ب ـ  الأدلة  المباشرة : 

 بعدما تعرضنا إلى الأدلة العامة الغير مباشرة التي اعتمد عليها المرع الجزائري سوف نتطرق  في الادلة المباشرة على الدليل بالكتابات   او المحررات ، المعاينة ، الاعتراف ،الخبرة الجنائية  :                                                                                                       

          • ـ دليل الكتابات او المحررات : تعرف  الكتابات او المحررات على انها عبارة عن اوراق تحمل بينات متعلقة بواقعة ذات اهمية في إثبات ارتكاب الجريمة  ونسبتها    للمتهم و من انواعها  نجد المحررات حسب شكليتها و التي تتمثل في المحرارات الرسمية و المحررات العرفية حسبما نصت عليه المادة  220 ق.ع   و ايضا المحررات حسب الموضوع و تتمثل في  كتابات التي هي جسم الجريمة في حد ذاتها ، كتابات تدل على مساهمة المشتبه به في الجريمة .                                                                                                                                                                                                                                                                                                

   • ـ المعاينة :  تعريف المعانية على انها اجراء من اجراءات التحقيق الابتدائي الذي يقوم به جهات التحقيق  القضائية بعد ارتكاب جريمة ما، فيقوم به ضابط الشرطة القضائية بإجراء المعاينة في إطار احكام المادة 42 ق.ا.ج المتعلقة بحالات التلبس ، كما يمكن لقاضي التحقيق في إطار  احكام المادة 79 ق.ا.ج  ان  يباشر إجراءات المعاينة وذلك بالانتقال إلى أماكن  وقوع الجرائم لإجراء جميع المعاينات اللازمة ، فالمعاينة    البحث تشمل  تحديد مكان وقوع الجريمة بدقة و تحصيل وجمع الادلة  التي خلفتها الجريمة كرفع  البصمات و تقصي الاثار و البحث عن كل مايؤدي  الى التحقيق ، حيث يتم الاستماع الى الاقوال التي  ادليت من طرف المجني عليه و الشهود حول كيفية وقوع الجريمة و كل  الوقائع التي صاحبتها .     

• الاعتراف :  يعرف بأنه إقرار  المتهم على نفسه بصدور الواقعة الإجرامية منه او هو القول الصادر عن المتهم الذي يقر فيه بصحته ما نسب اليه من    تهم كلها اوبعضها . و من شروطه الاعتماد على الشروط الاجرائية السليمة ، الاهلية ، الصراحة و الوضوح .


   • الخبرة الجنائية : هي عبارة عن استشارة فنية يستعين بها القاضي في مجال الإثبات لمساعدته في تقدير المسائل الفنية التي يحتاج تقديرها الى معرفة فنية  او ادراية في عملية لاتتوفر لدى القاضي بحكم تكوينه فالقاضي يتمتع بسلطة واسعة في كل ما يستدعي خبرة فنية .

2 ـ وسائل الإثبات الحديثة :

  لقد هدت وسائل الاثيات الجنائي تطور كبير و ملحوظا حيث كانت في السابق تعتمد على وسائل بسيطة تتمثل في الاتراف و شهادة الشهود و القران .... إخ ، الا ان الوضع تطور  في هذه العصور تطور كبيرا فلقد تم الأخد بالأدلة العلمية و الأعتماد عليها فأصبح الإثبات يقوم على مبادئ و قواعد علمية. فقد تطورت الوسائل العلمة الحديثة في الإثبات الجزائي تطورا كبيرا ، و تم الأخد بها في معظم الجرائم و تم الاعتماد على المعمل الجنائي  و على  الاجهزة العلمية في الاثبات العديد من الجرائم من خلال هذا التعريف سنتعرف على انواع وسائل العلمية الحديثة بين الوسائل المستخدمة  للحصول على أدلة مادية او للحصول على أدلة معنوية .

أـ الأدلة المستخدمة للوصول الى  الأدلة المادية :

 التي يقصد منها الحصول على ادلة ملموسة و التي تشمل البصمة الوراثية والطب الشرعي وتقدير الوسائل العلمية الحديثة في مجال الاثبات الجزائي  :                                                                                                                          

• البصمة الوراثية :  تحتل البصمات مكانة هامة في العلوم البيولوجية و طرق الاستعانة بها في التحقيقات  الجنائية ، وهي عبارة عن علامة الشخص و التي تتميز  عن غيره من البشر فهي تولد معه و تبقى حتى وفاته   ، وهي العلامة أو الأثر الذي ينتقل من الأباء الى الابناء او  من الاصول   والى الفروع ، او هي تعيين هوية الأنسان عن طريق تحليل جزء أواجزاء حامض الدنا المتمركز في نواة اي خلية من خلايا جسمه .  نظرا لحداثة العمل بالبصمة الوراثية في مجال الإثبات الجنائي ، لم تقم اغلب التشريعات بمواكبة هذا التطور باستثناء الدول المتطورة ،  تقنيا نظرا لما اتتطلبه من إمكانيات تقنية و علمية فائقة التخصص و التي تحتاج إلى أموال طائلة لتوفير هذه التجهيزات .

 من أشهر الأمثلة التي اشتهرت فيها استعمال هذه التقنية  أخذنا مثالا من القضاء الأمريكي والمتمثل في قضية الفتاة المسماة " جوليا بيانيس " صاحبة 18 سنة حيث كانت أثناء عوديها بتاريخ 29 |10 |1993 من جلسة سمر مع أصدقائها في مدينة و يكفيلد تعرض لها احد الأشخاص بالاعتداء الجنسي و القتل ، وبعد اخذ العينات من مئات الرجال بضواحي نفس المدينة  (العينة رقم 111 ) ، واستعمال أسلوب البصمة الوراثية حيث تطابقت بصمة أحد المشتبه فيهم مع العينات المهبلية المأخوذة من الضحية ، حيث تمت إدنته بالجرم    المرتكب وفي الجزائر بعد صدور القانون 16 -03 المتعلق باستعمال  البصمة  الوراثية في الإجراءات القضائية و التعرف على الأشخاص حيث أقر باستعمال البصمة الوراثية واعتبارها دليلا  للإثبات الجنائي ، والذي  سبقه القانون الأسرة الجزائري لسنة 2005 الذي اعترف بإثبات  النسب عنى طريق الوسائل العلمية  الحديثة ، إلا أنه لحد الأن لا توجد قرارات قضائية واضحة تم  فيا الاعتماد كليا على البصمة الوراثية في إثبات الجريمة  أو نفيها .


     •ـ الطب الشرعي :  الطب الشرعي هو مصطلح يتكون من شقين  الطب و الشرع، فطب إشارة لكل ما يتعلق بجسم الانسان ،سواء كان حيا او ميتا  ، اما  الشق الثاني من نفس المصطلح و هو الشرع فيقصد به اعلاء مفهوم القوانين و الأنظمة في النزاعات بين الافراد، يعد الطب الشرعي من العلوم التي تعتمد على التفسير الدقيق للعلامات و المشاهدات الطبية و استخدام الأمثل للمعلومات في خدمة العدالة ، اما الطبيب الشرعي فهو المختص الذي يستعان بمعلومته و خبرته لخدمت العدالة عن طريق كشف غموض الجانب الطبي من القضايا المختلفة التي تعرض  ، عليه من قبل القضاء و يعتبر شاهدا فنيا محايدا امام الهيئة القضائية و تحقيق للعدالة ويعمل الطب الشرعي على دراسة  العلاقة بين الوقائع الطبية و النصوص القانونية و لقد اصبح في هذا العصر احد العلوم الأساسية التي تعتمد عليها السلطات القضائية في الوصول الى الحقيقة ، و مع تطور عالم الجريمة و ظهور الجريمة المنظمة و الإرهاب وقد أضحى التطور التقني  فيعلم الطب الشرعي عامل أساسي لمواجهة التحديات الأمنية العصرية و كثيرا من الجرائم المعقدة .

  ب ـ الأدلة المستخدمة للحصول على الأدلة المعنوية : 

  وهي مجموعة الأدلة المستخدمة للحصول من ورائها الاعتراف و الشهادة ، و المتمثلة وجهاز كشف الكذب و التنويم المغناطيسي :

         • ـ جهاز كشف الكذب :  نصت العديد من التشريعات الجنائية على إمكانية الاستعانة بجهاز كشف الكذب ولكن شريطة خضوع المتهم يإرادته لهذا الجهاز، مع عدم الاعتداد به كدليل ذات حجية كاملة ، وذلك انه يلقى معارضة من طرف البعض الاسباب  ، تبنى المشرع الجزائري نفس الاتجاه من خلال ما نصت عليه المادة 100 ق. ا.ج حيث لا يمكن  إجبار أي شخص على الإدلاء بشهادته و هو نص ضمني على عدم إلزامية مرور هذا الشخص على هذا الجهاز ، وحتى القانون المصري إن تضمن النص على هذا الجهاز صراحة من خلال ما تضمنته المادة 220 من تعليمات النيابة العامة المصرية و النص على   عدم إلزامية المرور عليه لكونها وسلة تحوط الشك في نتائجها ،فان المشروع المصري حذا حذو المشرع الجزائري في هذا الامر

•ـ التنويم المغناطيسي : نصت أغلب دساتير الدول و كذلك التشريعات الداخلية على عدم الإجبار في عملية التحقيق لكونها ماسة بحقوق الأشخاص ، كما اعتبر عديد الفقهاء استعمال هذه الوسيلة كأداة تحقيق جنائية  تندرج ضمن وسائل التعذيب التي حاربتها كل الاتفاقيات الدولية و التشريعات الوطنية ، كل تلك الأطر النصية جعلت من أمر التشريع بهذا الأسلوب أمرا في غاية التعقيد حتى و ان أثبث قيمته العملية و العملية في كثير من الحالات .

 •ـ تقدير  الوسائل العلمية الحديثة في مجال الاثبات الجزائي : مما سبق يظهر لنا الدور الإيجابي و الفعال  لمختلف الوسائل الحديثة في مجال الاثبات الجنائي برغم من إختلاف الفقه القضاء و التشريعات المقارنة في استخدام وسائل العلمية لإثبات الجزائي نظرا لما تشكله من اعتداء على الحقوق و الحريات الأساسية لإنسان  ،في ظل  الجدل الفقهي القائم حول القيمة القانونية  لهذه الأدلة أختلف الفقه مسألة درجة الثقة التي يحوز عليها الدليل العلمي و مقدار الأخد به من قبل القاضي الجزائي لكونها مسألة فنية تخرج عن نطاق اختصاصه ، فحين يرى البعض الاخر من الفقه وجوب إعمال مبدأ الاقتناع الحر للقاضي بالرغم من تأكيد  الأدلة العلمية لها ،و انه في النهاية لا يمكن ان يتناقض الدليل العلمي و توجيهات القاضي ، فمتى اقتنع بقوة حجية الدليل العلمي فأنه لا يمكن له ان يتغاضى عنه كنتيجة منطقية .

  الخاتمة :

نستنتج في الاخير ان الاثبات الجزائي و الذي يتمثل في التوصل الى أدانة الشخص او تبرأته مما هو منسوب إليه حفاظا على المجتمع و صونا له ضد كل من تسول له نفسه المساس به او تعكير صفوه وهدوءه و سكينته من وسائل إثبات تقليدية و مما قد افرزه العلم من وسائل الاثبات حديثة  كان لها الفضل في إنارة الطريق على وتيرة  واحدة من المشروعية ، كما قد ساير  المشرع الجزائري  هذه الانظمة في اعتماد الأدلة  الجزائية الحديثة بالرغم من الصعوبات التي اقترنت بتطبيقاتها  .

قائمة المراجع :

ـ ياسرحسين بهنس ،الإثبات بالوسائل العلمية الحديثة وسلطة القاضي الجنائي في تقديرها ،مركزالدراسات العربية،الطبعة الاولى ،مصر ،2018 .
ـ بن دراح علي إبراهيم ، محاضرات في مقياس الاثبات الجنائي ،معهد الحقوق والعلوم السياسية ، مركز الجامعي افلو، الاغواط ، 2022/2020.